شم النسيم 2025: يوم فرعوني بنكهة مصرية خالصة

منوعات

 شم النسيم 2025:
شم النسيم 2025: يوم فرعوني بنكهة مصرية خالصة

يحتفل المصريون في شم النسيم 2025، كما جرت العادة منذ آلاف السنين، بهذا العيد العريق الذي يمتد جذوره إلى أعماق التاريخ الفرعوني، حيث قدّس المصريون القدماء الطبيعة واحتفوا بها أيّما احتفاء. وقد قاموا بتقسيم العام إلى ثلاثة فصول، وكان فصل الحصاد يحمل اسم "شمو"، وهو الاسم الذي اشتُق منه اسم شم النسيم، الذي أصبح طقسًا شعبيًا راسخًا منذ العصر الفرعوني وحتى يومنا هذا.

ويؤكد الدكتور حسين عبد البصير، عالم المصريات، أن بداية احتفال المصريين بشم النسيم ربما تعود إلى عصر الدولة القديمة، حيث كان يُعدّ عيدًا رمزيًا لبداية الحياة، وخلق الكون، وتجدد الطبيعة. وكان الفراعنة يعتبرون يوم شم النسيم بمثابة "أول الزمان" أو "بداية خلق العالم"، وذلك بالتزامن مع تساوي الليل والنهار واعتدال الجو وطيب النسيم. وكانوا يخرجون إلى المتنزهات والحدائق ويقيمون الاحتفالات احتفاءً بالحياة والخصب والجمال.

الأسماك والفسيخ نكهة شم النسيم 2025

الأسماك، وخصوصًا النيليّة منها مثل البلطي والبوري والبياض والقراميط، كانت لها مكانة خاصة في طقوس شم النسيم عند الفراعنة، وكان الفسيخ، المصنوع من أسماك البوري، هو الطبق الرئيسي الذي يتصدّر موائد شم النسيم، حيث برع المصريون في حفظه وتمليحه منذ القدم، ويعد الفسيخ حتى اليوم سيد مائدة شم النسيم 2025، إلى جانب البيض والبصل والحمص الأخضر (الملانة)، وهي أطعمة مرتبطة بالبيئة المصرية ودلالات الخلق والتجدد والخصوبة.

الاحتفالات بطابع فرعوني ما تزال حاضرة في شم النسيم 2025

كان الفراعنة يحتفلون بشم النسيم من خلال مهرجانات ضخمة تُقام في فصل الربيع، تضمنت تلوين البيض وتناول الأطعمة المملحة والقيام برحلات نيلية على صفحة النيل الخالد. وكان الكهنة يحملون تماثيل المعبودات في مواكب مهيبة، يصاحبها الغناء والرقص والعروض المسرحية التي تُجسّد الأساطير الدينية، فيما كان عامة الشعب يشاركون في أعياد المعبودات الجالبة للخير والنماء.

وتتجلى هذه الطقوس اليوم في شم النسيم 2025 حين يحرص المصريون على الخروج إلى الحدائق وعلى ضفاف النيل، ويتناولون الأطعمة الرمزية ويقيمون حفلات ترفيهية تمتد من شروق الشمس حتى غروبها.

رمزية البيض والبصل والخس في شم النسيم 2025

للبيض عند الفراعنة دلالة روحية كبيرة؛ إذ كانوا يرونه رمزًا لخلق الحياة من الجماد، وقد صوّروا أسطورة خلق الكون من بيضة كونية. وكانوا يلوّنون البيض وينقشون عليه الأمنيات، ثم يعلّقونه في سلال من سعف النخيل في الشرفات أو على الأشجار، ليتبارك بنور الشمس الإلهية. وهذه العادة لا تزال مستمرة في شم النسيم 2025، سواء عبر البيض الملون التقليدي أو بيض الشوكولاتة الذي يحبه الأطفال.

أما البصل، فقد اعتُبر رمزًا لإرادة الحياة وشفاء الأمراض وطرد الأرواح الشريرة، وقد نسج المصريون حوله أساطير مثل قصة "الأمير المريض"، حيث يُقال إن وضع البصل تحت وسادة طفل مريض كان سببًا في شفائه، ومن هنا أصبح رمزًا دائمًا على موائد شم النسيم.

وبالنسبة للخس، فقد حمل عند الفراعنة اسم "عب"، وكان مقدسًا لأنه يرتبط بالإله "مين" إله الخصوبة. وكانت صورته تُنقش على جدران المعابد، وقد ارتبط بعادات شم النسيم كرمز للنمو والتكاثر، ويستمر وجوده اليوم على موائد شم النسيم 2025.

الحمص الأخضر والزهور في شم النسيم 2025

الحمص الأخضر أو "الملانة"، كان بدوره رمزًا لقدوم الربيع وتجدد الحياة، حيث كانت الفتيات يصنعن منه أساور وعقودًا ويتزينّ بها في الاحتفال. وفي شم النسيم 2025، يواصل المصريون استخدام الملانة كجزء من الطقوس الاحتفالية.

وكان للزهور، وخاصة زهور الياسمين، دور محوري في طقوس الاحتفال، إذ استخدم المصريون القدماء زهور الياسمين لاستخلاص العطور وتقديمها كقرابين للآلهة. وفي شم النسيم 2025، ما تزال الزهور تُزيّن المنازل وتُرتدى في عقود زهرية، خصوصًا من قِبل الفتيات، في تعبير عن البهجة والفرح.

شم النسيم 2025 وعيد القيامة.. تقاطع ديني واجتماعي

يتزامن شم النسيم 2025 مع اليوم التالي لعيد القيامة المجيد لدى الأقباط الأرثوذكس، وهو ما يعكس استمرار الطابع المصري لهذا العيد الجامع للمصريين مسلمين ومسيحيين، الذين يشاركون معًا في طقوسه في أجواء من الألفة والبهجة.

ويمثّل شم النسيم 2025 مظهرًا من مظاهر الحياة والفرح والخصوبة في الثقافة المصرية. وهو عيد لا يرتبط بأي ديانة سماوية معينة، بل هو موروث حضاري توارثه المصريون منذ آلاف السنين، واستمر حتى يومنا هذا، حاملًا في طياته روح البدايات وتجدد الحياة.

ألعاب وأغاني وفرح الأطفال في شم النسيم 2025

يُعتبر الأطفال نجوم الاحتفال في شم النسيم 2025، حيث يحملون سعف النخيل المزيّن، ويرتدون الألوان الزاهية، ويشاركون في الألعاب مثل "البحث عن الكنز" و"زينة البيض"، وتُقام حفلات الرقص والموسيقى التي تعج بالأناشيد والألحان المستوحاة من التراث المصري. وتُستخدم آلات مثل الناي والمزمار والقيثارة والدفوف لإضفاء أجواء احتفالية على الحدائق والساحات.

عيد شم النسيم 2025.. استمرار للتاريخ واحتفاء بالحياة

يبقى عيد شم النسيم 2025 مناسبة فريدة تحتفل بها مصر بطابعها الخاص، حيث تتجسد في طقوسه رمزية الطبيعة، وتجدد الحياة، وقوة الإبداع الحضاري الذي رسّخه الفراعنة وورثته الأجيال. وتستمر طقوس شم النسيم 2025 اليوم كما كانت أمس: خروج جماعي للطبيعة، أطعمة تقليدية، رموز فرعونية، وروح مصرية خالصة.