تغير المناخ يطلق العنان لفطر قاتل يهدد حياة ملايين الأشخاص

حذر خبراء من أن تغير المناخ يساهم بشكل متسارع في انتشار فطر قاتل يُعرف باسم "الرشاشيات"، والذي يصيب ملايين الأشخاص سنويًا مع استمرار ارتفاع درجات الحرارة عالميًا، حسب ما نقلته صحيفة "ديلي ميل" البريطانية.
الرشاشيات: فطر قاتل متواجد في بيئتنا اليومية
أوضحت الصحيفة أن فطر الرشاشيات، وهو نوع من العفن، يوجد بشكل طبيعي في الهواء، والتربة، والغذاء، وحتى في المواد العضوية المتحللة.
وعلى الرغم من شيوعه، إلا أن استنشاق جراثيمه قد يشكل خطرًا صحيًا جسيمًا في بعض الحالات.
ففي حال وصول هذه الجراثيم إلى الرئتين، يمكن أن تتطور إلى كتل بحجم كرات التنس، مسببة حالة مرضية تُعرف بـ "داء الرشاشيات"، والتي قد تؤدي إلى مضاعفات خطيرة تشمل الجلد، والدماغ، والقلب، والكلى، بل وقد تنتهي بالوفاة.
احترار الأرض يزيد من انتشار الفطر في أوروبا والعالم
يشير الباحثون إلى أن الاحترار العالمي يُعزز من نمو وانتشار هذا الفطر في مناطق جديدة، لا سيما في أوروبا، مما يزيد من خطر الإصابة به.
وتُقدر الإحصاءات أن العدوى الفطرية الغازية مثل داء الرشاشيات تتسبب في نحو 2.5 مليون حالة وفاة سنويًا حول العالم.
وقال البروفيسور نورمان فان راين، الخبير بجامعة مانشستر والمشارك في دراسة حديثة، إن العالم يقترب من "نقطة تحول" فيما يتعلق بانتشار مسببات الأمراض الفطرية، محذرًا من تغيرات جذرية في التوزيع الجغرافي للفطريات.
الفئات الأكثر عرضة للإصابة بداء الرشاشيات
رغم أن معظم الأشخاص لا يتأثرون باستنشاق جراثيم الرشاشيات، إلا أن أولئك الذين يعانون من ضعف في الجهاز المناعي - مثل مرضى الربو، والتليف الكيسي، والسكري، والمصابين بالسرطان الخاضعين للعلاج الكيميائي - معرضون لخطر مرتفع بشكل خاص.
فطر Aspergillus fumigatus وفطر Aspergillus flavus يهددان الصحة والبيئة
تشير الأبحاث الحديثة إلى أن فطر Aspergillus fumigatus، الموجود بالفعل في المملكة المتحدة، قد ينتشر إلى مناطق واسعة من شمال أوروبا وآسيا والأمريكيتين خلال العقود القادمة، بل وقد يصل إلى القطب الشمالي خلال 75 عامًا، مهددًا صحة 9 ملايين شخص إضافيين.
ويُعد السماد الدافئ بيئة مثالية لنمو هذا النوع من الفطر، ما ساعده على التكيف مع حرارة جسم الإنسان.
كما كشفت الدراسة عن نوع آخر مقلق وهو فطر Aspergillus flavus، الذي ينتج مادة الأفلاتوكسين - وهي مادة كيميائية معروفة بارتباطها بالسرطان وتلف الكبد.
ويفترض العلماء أن ارتفاع درجات الحرارة وزيادة تركيز ثاني أكسيد الكربون في الجو يعزز إنتاج هذه السموم الخطيرة.
خطر مزدوج: تهديد للصحة والأمن الغذائي
قال البروفيسور داريوس أرمسترونج جيمس، أستاذ الأمراض المعدية في إمبريال كوليدج لندن، إن هذا الكائن الحي يمثل تهديدًا مزدوجًا للصحة العامة والأمن الغذائي.
وأضافت الدراسة أن انتشار هذه الفطريات قد يؤدي إلى تدمير موائل طبيعية مهمة في بلدان أفريقية والبرازيل، مما يُحدث اضطرابات خطيرة في النظم البيئية.
مقاومة متزايدة للعلاج بسبب الإفراط في استخدام الأدوية
تشير البيانات إلى أن بعض سلالات الفطريات أصبحت مقاومة للعلاج، نتيجة الإفراط في استخدام الأدوية المضادة للفطريات في الطب والزراعة، مما ساهم في ظهور ما يُعرف بـ "الفطريات الفائقة" المقاومة للأدوية، وخصوصًا لفئة الأدوية المعروفة بـ "الأزولات".
وتُعد الفطريات كائنات دقيقة سريعة التطور والتكاثر، ما يجعلها أكثر قدرة على تطوير مقاومة للأدوية مقارنة بالبشر.
كما أن استخدام المبيدات الفطرية لحماية المحاصيل يُعرض هذه الكائنات للتكيف مع العلاجات البشرية.
دعوات لتكثيف البحث العلمي والتمويل لمواجهة التهديد الفطري
قالت فيف جوسنز، مديرة الأبحاث في مؤسسة "ويلكوم"، إن تغير المناخ سيزيد من تفاقم هذه المخاطر، مما قد يؤدي إلى ارتفاع معدل الإصابات حتى بين الأشخاص الأصحاء.
وشددت على أهمية سد الفجوات البحثية من خلال استخدام النماذج والخرائط لتتبع انتشار الفطريات من أجل توجيه الموارد بشكل فعال.
ورغم التحذيرات المتكررة، لا تزال الأبحاث المتعلقة بالفطريات تعاني من نقص في التمويل، إذ لم يتم تحديد سوى أقل من 10% من الأنواع المقدرة عالميًا والتي يُعتقد أنها تتراوح بين 1.5 مليون إلى 3.8 مليون نوع.
مؤسسة Wellcome تستثمر في أبحاث الفطريات لمواجهة التهديد العالمي
أعلنت مؤسسة Wellcome Trust عن تخصيص أكثر من 50 مليون جنيه إسترليني لدعم الأبحاث المتعلقة بالفطريات خلال العام المقبل، في خطوة تهدف لتعزيز التصدي لهذا التهديد المتنامي.
ويأتي هذا التحرك بعد ما حدث في عام 2021، حين أدى تفشي فطر A. fumigatus إلى وفاة نحو 70% من مرضى كورونا في العناية المركزة ممن أُصيبت رئاتهم بهذا الفطر.
تحذير من خطورة العفن في البيوت الرطبة
في حادثة حديثة، نُقل ماثيو لانجسورث، البالغ من العمر 32 عامًا، إلى المستشفى إثر عدوى دموية خطيرة بفطر الرشاشيات، نتيجة إقامته في عقار متعفن كانت جراثيمه مغطاة بطبقة من الطلاء.
وأشارت الصحيفة إلى أن العيش في منازل متعفنة يسبب مجموعة من الأمراض التنفسية مثل الربو، والحساسية، وداء الرشاشيات.
حيث يُطلق العفن آلاف الجزيئات المجهرية السامة في الهواء، مسببة أعراضًا تشمل السعال المزمن، وضيق التنفس، والصفير، بالإضافة إلى تفاقم أمراض الشعب الهوائية.