جبال سربال.. تحفة جيولوجية وروحية تسحر زوار جنوب سيناء

تمثل جبال سربال إحدى أروع المعالم الطبيعية في جنوب سيناء، حيث تمتزج التضاريس الجبلية العريقة مع الروايات التاريخية والروحانية، لتشكل لوحة طبيعية وإنسانية نادرة تأسر الزوار من مختلف أنحاء العالم.
تقع هذه الجبال الشاهقة بالقرب من وادي فيران، وتعد من أبرز الوجهات التي تجذب اهتمام الجيولوجيين، عشاق الطبيعة، والمهتمين بالتاريخ الديني.
متحف طبيعي يحكي قصة نشوء الأرض
توضح بيانات محافظة جنوب سيناء أن جبال سربال تمتاز بتكويناتها الجيولوجية الفريدة، إذ تتكون من صخور جرانيتية قديمة يُعتقد أنها تعود إلى العصور الجيولوجية السحيقة.
تقدم هذه الصخور نموذجًا نادرًا لتاريخ تشكل الأرض، وتعرضت على مدى ملايين السنين لعوامل التعرية الطبيعية التي ساهمت في نحت التضاريس المدهشة للمنطقة.
تضم الجبال قممًا حادة ووديانًا عميقة، وتشكل منظومة جيولوجية متكاملة، تجعل منها وجهة مفضلة للباحثين في علوم الأرض، ممن يسعون لفهم طبقات الصخور وسجلها التاريخي الغني.
تنوع بيئي مذهل على سفوح الصخور
لا تقتصر أهمية جبال سربال على جانبها الجيولوجي فقط، بل تمتد لتشمل تنوعًا بيئيًا نادرًا في قلب الصحراء.
تنتشر على سفوح الجبال نباتات برية تأقلمت مع المناخ الجاف القاسي، ومن أبرزها:
- أشجار الأكاسيا، التي تساهم في تحسين جودة التربة ومكافحة التصحر.
- نبات الشيح، المعروف بفوائده الطبية العديدة، خاصة في علاج مشاكل الجهاز التنفسي.
- نبات الرتم، المستخدم في الطب التقليدي لعلاج التهابات الجهاز الهضمي.
- القصعين والحرمل، اللذان يُستخدمان كمضادات للأكسدة ومضادات للالتهابات.
وتضفي هذه النباتات الحياة واللون على المنحدرات الصخرية، خاصة خلال مواسم الإزهار، مما يخلق مشهدًا بيئيًا متنوعًا يجمع بين الصخر والنبات في تناغم فريد.
بعد روحاني وتاريخي في قلب سيناء
تحمل جبال سربال قيمة روحية وتاريخية لا تقل أهمية عن قيمتها الطبيعية، حيث يقع عند سفحها وادي فيران، والذي يُعتقد أنه كان موطنًا لإحدى أقدم المجتمعات المسيحية في سيناء.
عاش في هذا الوادي رهبان الأديار الأولى، باحثين عن العزلة والتأمل، ولا تزال بعض الآثار الدينية شاهدة على هذا الوجود الروحي القديم، مما يجعل المنطقة وجهة للحجاج المسيحيين.
وتشير بعض الدراسات إلى أن جبال سربال قد تكون الموقع الذي صعد إليه النبي موسى عليه السلام لتلقي الوصايا، رغم أن الرأي السائد يربط هذه الواقعة بجبل موسى القريب.
ويضفي هذا الجدل التاريخي والديني هالة من الغموض والقداسة على الجبال، تعزز من جاذبيتها كوجهة روحية وثقافية.
مغامرة فريدة لعشاق التسلق والطبيعة
تجربة زيارة جبال سربال لا تكتمل دون رحلة تسلق عبر تضاريسها الوعرة، والتي تتطلب مهارات خاصة لعشاق المشي لمسافات طويلة وتسلق الصخور.
وتكافئ القمم العالية الزوار بمناظر بانورامية مذهلة تطل على وديان سيناء الممتدة، وتمنحهم لحظات من التأمل في الطبيعة البكر.
يعتبر تسلق هذه الجبال مغامرة استثنائية تجمع بين التحدي الجسدي والاستكشاف الروحي والعلمي، وتُعد من التجارب التي لا تُنسى لكل من يبحث عن وجهة سياحية مختلفة ومثرية في قلب مصر.