عاشوراء.. يوم تتلاقى فيه قصص الأنبياء والتضحيات الكبرى
عاشوراء.. يوم تتلاقى فيه قصص الأنبياء والتضحيات الكبرى

يحل علينا كل عام اليوم العاشر من شهر محرم، المعروف بيوم عاشوراء، حاملًا بين طياته ذكريات دينية وإنسانية راسخة في ذاكرة المسلمين.
ففي هذا اليوم تتقاطع أحداث عظيمة غيرت مجرى التاريخ، من نجاة نبي الله موسى عليه السلام، إلى استشهاد الإمام الحسين بن علي رضي الله عنه حفيد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قصة نصر موسى على فرعون
يروي القرآن الكريم قصة نبي الله موسى، الذي نجا ومن معه من المؤمنين في يوم عاشوراء، حين شقّ الله له البحر وأنقذه من بطش فرعون وجنوده، الذين غرقوا في البحر بعد أن تجبروا وطغوا.
وقد خلد هذا الحدث في الذاكرة الدينية، وجعل من عاشوراء يومًا للاحتفال الإيماني بقدرة الله وعدله.
وقد ثبت عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم أنه صام هذا اليوم شكرًا لله، لما له من فضل، وقال:"نحن أحق بموسى منهم"، عندما رأى اليهود يصومونه.
صيام عاشوراء.. تكفير عام من الذنوب

يعد صيام يوم عاشوراء من السنن المؤكدة التي حثّ عليها الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث قال:"صيام يوم عاشوراء، أحتسب على الله أن يُكفر السنة التي قبله".
ويستحب أن يصوم المسلم يومًا قبله أو بعده، ليكون صيامه مخالفًا لصيام اليهود.
ورغم أن صيامه ليس فرضًا، إلا أن ملايين المسلمين حول العالم يحرصون على صيامه طلبًا للأجر والمغفرة، وتعظيمًا لذكرى هذا اليوم.
معركة كربلاء
في زاوية أخرى من التاريخ، وفي اليوم ذاته، وقعت واحدة من أعظم المآسي في تاريخ الأمة الإسلامية، وهي معركة كربلاء عام 61هـ، حيث استشهد الإمام الحسين بن علي، حفيد النبي الكريم، بعدما رفض مبايعة الخليفة الأموي يزيد بن معاوية، دفاعًا عن العدالة والحق.
لم يكن الحسين مدفوعًا برغبة في الحكم، بل برفضه للظلم والفساد، وهو ما جعله رمزا خالدا للتضحية والبطولة.
وقد أثرت حادثة كربلاء بشكل عميق في وجدان المسلمين، خصوصًا في المذهب الشيعي، حيث يُحيي أتباعه هذا اليوم بالحزن والعزاء وإقامة المجالس التي تستعرض سيرة الحسين ومواقفه.
عاشوراء في وجدان الأمة
رغم الاختلاف في طرق إحياء الذكرى، فإن يوم عاشوراء يظل جامعًا لقيم النبوة، والصبر، والثبات على الحق.
فالمسلمون في مشارق الأرض ومغاربها يستقبلونه بمزيج من الصيام، والذكر، والعطاء، وتوزيع الطعام، والدعاء، وقراءة القرآن.
وتقام في المساجد دروس ومحاضرات تتناول فضل اليوم، وقصص الأنبياء، ومعاني الاستشهاد والتضحية.
أما في بعض المجتمعات، فتُحضّر أطباق خاصة مثل "حلوى عاشوراء" وتوزع على الجيران والفقراء.
رسائل دينية خالدة في يوم عاشوراء
يوم عاشوراء ليس مجرد ذكرى دينية، بل هو دعوة مفتوحة للتأمل في القيم التي يمثلها:

- نصر الحق على الباطل.
- الثقة بوعد الله.
- التضحية من أجل المبادئ.
- والوفاء بالعهد مهما كلّف الثمن.
عاشوراء ليس يومًا للذكرى فقط بل فرصة لإعادة الاتصال بالجذور الروحية وللاستلهام من أعظم مواقف الشجاعة واليقين في تاريخ البشرية.