من هو حكمت الهجري؟
من هو حكمت الهجري؟ وما موقفه من اشتباكات السويداء؟

شهدت محافظة السويداء في الجنوب السوري تطورات متسارعة وغير مسبوقة في الأشهر الأخيرة، وسط تصعيد حاد في لهجة الخطاب الصادر عن أبرز المرجعيات الدينية للطائفة الدرزية، وعلى رأسها الشيخ حكمت الهجري، الزعيم الروحي لطائفة الموحدين الدروز.
فتحت التصريحات الأخيرة للهجري، والتي وصف فيها بيانًا صدر باسمه بأنه "بيان مذل فرض علينا"، الباب على مصراعيه أمام تساؤلات جوهرية حول تحول مواقف مشيخة العقل من الحياد النسبي إلى المواجهة الصريحة مع الحكومة السورية.
ولم يكتف الهجري بالانتقاد، بل اتهم السلطات بـ "نكث العهود" وارتكاب "جرائم ممنهجة" ضد المدنيين في السويداء وريف دمشق، وذهب أبعد من ذلك بالدعوة إلى تدخل دولي لحماية أبناء الطائفة، مؤكدًا أن ما يحدث هو "حرب إبادة شاملة".
من فنزويلا إلى مشيخة العقل
ولد الشيخ حكمت الهجري في فنزويلا عام 1965، قبل أن يعود إلى السويداء ويكمل دراسته في كلية الحقوق بجامعة دمشق، ليتخرج عام 1990.
ونشأ في بيئة دينية محافظة، وتدرّج ضمن المرجعيات الدينية حتى خلف شقيقه الشيخ أحمد في رئاسة مشيخة العقل عام 2012 بعد وفاته في حادث سير غامض.
ورغم بدايته المتحفظة، بدأ الهجري لاحقًا يميل إلى مواقف معارضة تدريجية، خاصة بعد تعرضه لإهانة من قبل أحد الضباط الأمنيين في عام 2021، وهو الحادث الذي فجر احتجاجات واسعة في السويداء واعتبر نقطة تحوّل فارقة في علاقته بالنظام.
انقلاب في الموقف من دمشق
في تصريحات إعلامية لاحقة، عبر الشيخ الهجري عن قبولٍ مبدئي بالتغيير في سوريا ودعا لصياغة دستور جديد وتشكيل جيش وطني يمثل كل السوريين، رافضًا منطق الأغلبية والأقلية.
لكنه عاد لاحقًا ليصعّد لهجته بعد موجة من الاشتباكات الدامية في ريف دمشق ومنطقة السويداء، محملًا الحكومة السورية مسؤولية ما وصفه بـ "حرب الإبادة".
لم يكتف الهجري بالانتقاد الداخلي بل وجه نداءً للمجتمع الدولي لتوفير حماية لأبناء الطائفة الدرزية، معتبرًا أن الحكومة "تقتل شعبها عبر ميليشيات تكفيرية تابعة لها"، وهو ما وصفه بـ "القتل الممنهج والموثق" الذي يستدعي "تدخلًا دوليًا عاجلًا".
رفض مشروع الدستور والدعوة إلى الفيدرالية
في مارس/آذار الماضي، هاجم الشيخ الهجري مشروع الدستور الجديد المطروح من قبل الحكومة، ووصفه بأنه "غير منطقي"، مطالبًا بإعادة صياغته على أسس ديمقراطية تشاركية.
كما أشار إلى أن المرحلة الحالية تُدار بطريقة "أحادية الجانب"، وتغيب عنها مشاركة مكونات الشعب السوري.
وفي أحدث تصريحاته، أشار إلى أن أبناء الطائفة الدرزية "ليسوا دعاة انفصال"، لكنهم مع بناء دولة "فيدرالية ديمقراطية" تصون كرامة السوريين.
تصريحات غير مسبوقة بشأن إسرائيل
في موقف مفاجئ ومثير للجدل، قال الشيخ حكمت الهجري في مقابلة مع صحيفة واشنطن بوست إن "إسرائيل ليست العدو"، معتبرًا أن الشعارات التي رفعتها الحكومات السورية السابقة ضد إسرائيل "لم تخدم مصلحة الشعب السوري".
وقال: "يجب أن نركز على القضية السورية فقط".
وأثارت هذه التصريحات جدلًا واسعًا ووصفت بأنها خروج غير مسبوق عن الخطاب القومي المعهود للطائفة الدرزية في سوريا.
انقسام داخل الطائفة الدرزية
رغم تصاعد شعبية الشيخ الهجري، إلا أن موقفه لا يحظى بإجماع داخل الطائفة الدرزية.
فقد صدر بيان مشترك عن المرجعيتين الدينيتين الأخريين، الشيخين حمود الحناوي ويوسف الجربوع، شدد على "وحدة سوريا ونبذ الفتنة"، ورفض أي دعوات للانفصال أو تدويل الأزمة.