إعادة تدوير الأنقاض.. الحل الذكي لإعادة إعمار أوكرانيا بعد دمار الحرب

تسببت الحرب الروسية المستمرة في أوكرانيا منذ أكثر من ثلاث سنوات في خسائر هائلة في الأرواح والممتلكات، وأدى القصف المتواصل إلى تدمير ما يُقدّر بـ 209 آلاف منزل، إلى جانب 27 ألف مبنى سكني، و299 مدرسة، و1554 منشأة طبية، و399 مبنى دينيًا، بالإضافة إلى 16 ألف ميل من الطرق، وفقًا لتقرير صحيفة “التايمز” البريطانية.
وتُقدّر تكلفة إعادة الإعمار بنحو 524 مليار دولار خلال السنوات العشر المقبلة، حسب تقديرات البنك الدولي، مما يجعلها “أكبر مشروع اقتصادي في أوروبا”، حسب وصف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
نهج مستدام لإعادة الإعمار باستخدام أنقاض الحرب
في محاولة لمواجهة التكاليف الباهظة والأثر البيئي السلبي، يعمل ائتلاف من المهندسين البريطانيين والهولنديين والأوكرانيين على تطبيق فكرة إعادة تدوير أنقاض المباني المهدمة لإنتاج خرسانة جديدة، ضمن مشروع يُعرف باسم: “إعادة إعمار أوكرانيا بشكل آمن ومستدام وسريع”.
ويتم تمويل المشروع تجريبيًا من قبل الحكومة البريطانية، ويقوده البروفيسور ثيودور هانين، أستاذ علوم مواد البناء بجامعة ليدز، الذي يؤكد أن الهدف هو اتباع نهج دائري يعيد استخدام مواد البناء بدلًا من إنتاجها من الصفر.
تقنية جديدة لإنتاج خرسانة صديقة للبيئة
أوضح “هانين” أن إنتاج الأسمنت التقليدي ملوث للغاية، حيث يتطلب تسخين الحجر الجيري إلى 1450 درجة مئوية، ما يُطلق كميات ضخمة من ثاني أكسيد الكربون، وهو ما يُفاقم أزمة تغير المناخ.
وبدلًا من ذلك، يسعى الفريق إلى تفكيك الخرسانة التالفة إلى مكوناتها الأساسية (رمل، حصى، أسمنت) وإعادة استخدامها في مواقع البناء. كما يبحثون في إنشاء مراكز لإعادة تدوير الخرسانة في مختلف أنحاء البلاد لتقليل تكاليف النقل والبصمة الكربونية.
تطبيق عملي مرتقب بنهاية العام
يُخطّط الفريق لاستخدام قوالب خرسانية مسبقة الصب لصناعة بلاطات الرصف أو هياكل البناء الجاهزة، مع احتمالية بدء أول مشروع بناء فعلي بحلول نهاية العام الجاري 2025.
ويهدف المشروع التجريبي إلى تقييم الجدوى البيئية والاقتصادية لإعادة تدوير الخرسانة مقارنة باستخدام المواد الخام النقية. وبينما قد تبدو التكلفة مرتفعة في البداية، فإن الفريق يأمل أن تنخفض التكاليف تدريجيًا مع التوسع في التجربة.
رسالة للعالم: إعادة الإعمار يمكن أن تكون خضراء ومستدامة
يمثل المشروع رسالة قوية مفادها أن إعادة الإعمار لا تعني بالضرورة الإضرار بالبيئة، بل يمكن أن تكون فرصة لبناء مدن أكثر استدامة وكفاءة في المستقبل، ليس فقط لأوكرانيا، بل كنموذج عالمي في مواجهة آثار الحروب.