اعرف سبب سحب بيان الأزهر حول غزة

يعتمد الأزهر الشريف على الحكمة والمسؤولية، اللتان تحكما استراتيجيته ومواقفه الجليلة، والتي تحظى باحترام العالم الإسلامي. فبعدما بدا موقفه غريبًا بسحب بيانه أمس الثلاثاء، كان السبب أدق من الناحية السياسية وأرق من أجل مصلحة إخوتنا شعب غزّة الكريم. 

المسؤولية والحكمة.. كيف أبقى الأزهر على الإنسانية؟ 

في موقف اتسم بالمسؤولية والحكمة، أصدر الأزهر الشريف، اليوم الأربعاء، بيانًا توضيحيًا بشأن قراره بسحب بيان سابق انتقد فيه سياسة التجويع في غزة، موضحًا أن القرار جاء إدراكًا لإمكانية تأثير البيان على مفاوضات الهدنة الإنسانية الجارية. وأكد الأزهر أن هذا التراجع لا يعني تخليًا عن موقفه الثابت تجاه القضية الفلسطينية، بل هو تغليب لمصلحة إنسانية أكبر، وهي وقف شلال الدماء وإنقاذ أرواح الأبرياء.

وأوضح المركز الإعلامي للأزهر أن القرار عكس التزام المؤسسة الدينية بمسؤوليتها أمام الله والشعوب، إذ رأت أن استمرار البيان قد يُستغل لتعطيل جهود التفاوض أو يُتخذ ذريعة للنكوص عن أي تقدم في سبيل إقرار هدنة إنسانية تضمن إدخال المساعدات إلى القطاع المحاصر. وأشار البيان إلى أن الأزهر اختار طريق الصمت الحكيم مؤقتًا أملًا في التوصل إلى حلول واقعية توقف نزيف الدم وتخفف معاناة أهل غزة.

وأكد الأزهر في ختام بيانه دعاءه لأهل غزة بالصبر والثبات، داعيًا الله أن يحميهم بعينه التي لا تنام، وأن يعجّل لهم بالفرج. ويأتي هذا الموقف في وقت تتزايد فيه الدعوات الدولية، ومنها نداء الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، لإنهاء المجازر ووقف الانتهاكات التي بلغت حدًا غير مسبوق من الدمار والجوع والموت، حسب تقارير أممية وثّقت مقتل أكثر من ألف فلسطيني أثناء محاولتهم الحصول على الطعام.

بيان مجلس الأمن

وفي بيان إلى مجلس الأمن، الثلاثاء، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش: "نشهد في جميع أنحاء العالم تجاهلًا تامًا للقانون الدولي، إن لم يكن انتهاكًا صريحًا له... لا نحتاج إلى النظر إلى أبعد من مشهد الرعب في غزة... مستوى الموت والدمار غير المسبوق في الآونة الأخيرة. سوء التغذية في ازدياد. الجوع يدق كل باب. الآن نشهد الرمق الأخير لنظام إنساني قائم على المبادئ الإنسانية".

وقال مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، في بيان منفصل الثلاثاء، إن ما لا يقل عن 1054 فلسطينيًا قُتلوا على يد الجيش الإسرائيلي أثناء محاولتهم الحصول على مساعدات غذائية في غزة. 

مساء الثلاثاء.. حذف البيان

كانت مشيخة الأزهر قد حذفت مساء الثلاثاء بيانا من صفحتها الرسمية على "فيسبوك" بعد وقت قصير من نشره، إذ ناشد البيان بتدخل دولي وعالمي لإنقاذ أهالي غزة من أزمة المجاعة التي يفرضها الجيش الإسرائيلي.

وكانت مصر قد رحبت بالبيان الصادر عن وزراء خارجية 25 دولة بشأن الوضع في الأراضي الفلسطينية، وما تضمنه من مطالبة واضحة بإنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وإدانة للممارسات الإسرائيلية في القطاع ومنع الاحتلال الإسرائيلى توفير المساعدات الإنسانية لسكان القطاع المدنيين.

غزة تواجه خطر المجاعة.. أكثر من مئة منظمة تطلق تحذيرًا عاجلًا، وأعلنت مصر دعمها بشكل كامل لموقف الدول الرافضة لمقترح نقل الفلسطينيين لما يسمى "مدينة إنسانية"، وموقفها الواضح من رفض تهجير الفلسطينيين باعتباره انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني.

الجهود مستمرة

وأكدت مصر على استمرار جهودها الساعية للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، بالشراكة مع قطر والولايات المتحدة، مشددة على ضرورة تبني المجتمع الدولي المزيد من الخطوات العملية لتنفيذ حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط 4 يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، بما في ذلك من خلال الاعتراف بالدولة الفلسطينية ودعم مسار سياسي واضح وفعال لإرساء السلام بصورة دائمة في الشرق.