لم يتعلم الدرس.. شركة صينية يُعدم مديراها خلال ثلاثة أعوام

منوعات

شركة صينية يُعدم
شركة صينية يُعدم مديراها خلال ثلاثة أعوام

في واقعة جديدة تعكس صرامة السلطات الصينية في مواجهة قضايا الفساد، أُعدم مدير سابق لإحدى أكبر شركات إدارة الأصول في البلاد، في خطوة أثارت اهتمام الرأي العام العالمي، خاصة أن هذا الإعدام يأتي بعد ثلاث سنوات فقط من إعدام مدير آخر للشركة ذاتها في قضية مشابهة. وتتواصل بذلك حملة مكافحة الفساد التي يقودها الرئيس الصيني شي جينبينغ والتي لا تزال تسقط مسؤولين بارزين واحدًا تلو الآخر.

إعدام جديد يهز الوسط الاقتصادي الصيني

شهدت مدينة تيانجين الصينية صباح الثلاثاء تنفيذ حكم الإعدام بحق باي تيان هوي، المدير العام السابق لشركة تشاينا هوارونغ إنترناشونال هولدينغز (CHIH)، وذلك بعد إدانته بتلقي رشى تجاوزت 156 مليون دولار مقابل منح امتيازات خاصة في مشاريع وتمويلات بين عامي 2014 و2018.

تقول وسائل الإعلام الحكومية، وعلى رأسها قناة "سي سي تي في"، إن المحكمة الشعبية العليا وصفت جرائمه بأنها “خطيرة للغاية”، وهو ما دفعها إلى تثبيت حكم الإعدام دون تعليقه، خلافًا لما يحدث عادة في قضايا الفساد، حيث تُجمّد العقوبة لعامين قبل تحويلها إلى سجن مؤبد.

تفاصيل الحكم وإجراءات التنفيذ

صدر الحكم ضد باي تيان هوي في مايو الماضي، أما محاولته للاستئناف فقد فشلت في فبراير، ما جعله يواجه الحكم النهائي دون خيار قانوني إضافي. وتشير المصادر الصينية إلى أن الإعدام تم في تيانجين بعد السماح له بتوديع عائلته، بينما لم تُكشف طريقة التنفيذ، إذ تعتبر الصين هذه التفاصيل من أسرار الدولة.

ورغم التكتم الرسمي، تؤكد منظمات حقوق الإنسان—ومن بينها منظمة العفو الدولية—أن الصين تُنفّذ أكبر عدد من الإعدامات سنويًا على مستوى العالم، مع تقديرات تشير إلى تنفيذ آلاف الأحكام سنويًا، وإن كانت الأرقام الدقيقة غير معلنة رسميًا.

شركة عملاقة.. وفساد متكرر

تُعد تشاينا هوارونغ واحدة من أضخم الشركات الحكومية المختصة بإدارة القروض المتعثرة والأصول المهددة بالتخلف عن السداد. وقد تأسست خصيصًا لمساعدة البنوك الصينية على التخلص من الديون الخطرة، ما جعلها لاعبًا محوريًا في السوق المالية.

لكن المفارقة أن الشركة نفسها أصبحت بؤرة لعدد من الفضائح الكبرى، كان أبرزها عام 2021 حين أُعدم مديرها السابق لاي شياومين بعدما أدين بالحصول على رشى تبلغ 253 مليون دولار، ليصبح أول مسؤول مالي رفيع يُعدم منذ سنوات طويلة.

ومع إعدام باي تيان هوي اليوم، يبدو أن الشركة لم تتخلص بعد من إرث الفساد الذي يطاردها، حيث اعتبر كثيرون أن ما حدث رسالة واضحة بأن السلطات لن تتسامح مع أي تجاوزات جديدة، مهما كان موقع مرتكبها.

حملة مكافحة الفساد.. أين تتجه؟

منذ تولي شي جينبينغ السلطة، أصبحت مكافحة الفساد أحد أبرز محاور حكمه، وشملت الحملة كبار المسؤولين في الحكومة، والجيش، والقطاعين المالي والاقتصادي. وقد ساهمت هذه السياسة في تعزيز الانضباط داخل المؤسسات، لكنها أثارت في المقابل أسئلة حول الشفافية وحول غياب المحاكمات العلنية في كثير من القضايا.

ويعتقد محللون أن استمرار حملة شي بهذه القوة يعكس رغبة القيادة الصينية في إعادة بناء الثقة داخل القطاع المالي، خاصة بعد سلسلة من الأزمات الاقتصادية التي مرت بها البلاد خلال السنوات الأخيرة.

إعدام مديرين متتاليين لشركة واحدة خلال ثلاثة أعوام يحمل دلالات عميقة، سواء حول حجم الفساد داخل بعض المؤسسات، أو حول مدى التشدد الذي تتعامل به الدولة الصينية تجاه المخالفين. وبينما يرى البعض أن الصرامة ضرورة لإنقاذ الاقتصاد، يحذر آخرون من أن غياب الشفافية قد يفاقم المخاطر بدلًا من الحد منها.